☺بناء الثقة
أحب نفسك قبل أن تحب الآخرين...
قد يقول بعض الناس ..إن حب النفس هو الأنانية ..فإن أحببت نفسي فلن أحب غيري أو على الأقل...ستكون الأنا عندى أهم من كل شىء...ونقول لمن يفكر هكذا لا...وانظرى إلى قول الله تبارك وتعالى:(لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون...)
فانظر للحكمة الكبرى التى نطق بها كلام الله منذ 1500 عام...
إن الكفار الذين هم أكثر الناس أنانية وعصبية هم أشد الناس مقتاً لأنفسهم..والمفهوم ضمناً أن المتقين أحبوا أنفسهم ..فزينوها بالعمل الصالح..وطهروها من سلبية الكفر..وحرروها من قيود الظلم
الحب ليس شعوراً سلبياً يقود الإنسان إلى ظلمات العقل والضمير..
الحب ليس ضياعاً فى صحراء تيه العظمة والتكالب على الدنيا والمنافسات الغير شريفة...
والحب ليس إغراقاً فى الأنا..دون النظر إلى الآخر...
إن الحب ليس إلا الإيجابية والمبادرة إلى الخير بوازع من القلب ..ونور فى البصر والبصيرة...وصدق وإخلاص لا يشوبهما شائبة...وقبل كل هذا احتراماً للنفس وتقديراً لها...وعدم إهانتها أو الاستهانة بها...فهى منة الله تعالى علينا..وهى أمانه من أماناته لدينا...وإن كل إنسان فى أعماق أعماقه يعرف الفرق بين الصواب والخطأ..والخير والشر ..والنور والظلمة..ألم يقل عز وجل:(بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره....)
إن أول لبنة فى بناء ثقتك بنفسك وثقة الآخرين بك..ليست إلا حبك لنفسك...فلا تتردد...
بنك الأحاسيس....
كلنا يعلم ما هي الأرصدة فى البنوك...
وكلنا يدرك تماماً معنى الإيداع والسحب...
لكن هل جربنا أن نتعامل مع أحاسيس المشاعر والثقة بنفس الطريقة..
إن علاقاتنا بالآخرين تبنيها إيداعاتنا المستمرة فى أرصدة أحاسيسهم ومشاعرهم ...فإذا قمنا بإيداعات متكررة من الحب والود والصدق والصبر والتفاهم والتفهم ففى الغالب سنكسب صديقاً جديداً نجده وقت الفرح والجرح...نستند عليه وقت الأزمات...ونلجأ إليه فى المشكلات والمعضلات وحتى لو لم تكتسب ذلك الصديق ستجني ما هو أعظم من الصداقة ألا وهو احترامك لنفسك واحترام الآخرين لك ..
....أما إن قمنا بعمليات سحب مستمرة من الآخر بإظهار عدم الكياسة وعدم الاحترام مع مزيج من الخيانة والتجاهل وسوء الظن والمبالغة فى ردود الأفعال...فماذا سيحدث؟؟؟فى أحسن الأحوال سينتهي رصيدك وتصبح مديون...وقد يغلق رصيدك تماماً وتمنع من فتح رصيد جديد إلا بواسطة من التغيير الذى علمناه رب العزة عندما قال:
(إن الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..)
إن تغيير ما بالنفس هو دليل على القدرة على قيادتها وكبح جماح اندفاعها فى خضم الخطأ والخسران...ومتى استطعت قيادة نفسك إلى الخير والكسب الصادق لقلوب الآخرين...استطعت قيادة أمة بأسرها لما يحب الله بعون الله..فهو الذى وعد وهو أصدق من وفّى...
إن جميع علاقاتنا مبنية على تلك الأرصدة فى بنك الأحاسيس..سواءاً كانت علاقات شخصية عائلية أم علاقات عمل ...أم غير ذلك...وإن الثقة لا تبنيها لحظات حب أو كلمات مدح فحسب...بل يبنيها صدق طوية...وتجارب وخبرات وتعامل خاصة إذا تداخلت المصالح وليس أدل على ذلك من الرجل الصالح الذى ذهب إليه أحدهم يمدحه فقال له:
يا عبد الله لمَ مدحتني؟؟
أجربتني عند الغضب فوجدتني حليما ؟
قال : لا ..
قال : أجربتني في السفر فوجدتني حسن الخلق؟
قال : لا ..
قال : أجربتني عند الأمانة فوجدتني أمينا؟
قال : لا ..
قال : فلا يحل لأحد أن يمدح آخر ما لم يجربه في هذه الأشياء...
وقد قال أفلاطون
إن الفضيلة لا تتحقق بعمل واحد فاضل .. ولكن لكي تكون حقيقة .. ينبغي أن تكون نتيجة لماضٍ عملي طويل ..